• 22415940
  • info@iclkw.com
  • الكويت، القبلة، قطعة ١٢، قسيمة ٨ أ ، برج روضة الصفوة، الدور 11
الأربش لـ «الأنباء»: قرار «الديوان» بخفض ساعتين من معلمات وموظفات «التربية» غير دستوري

2019-01-09 2366

دراسة قانونية حول مدى دستورية وشرعية كتاب ديوان الخدمة المدنية رقم (2017002941) المؤرخ 16/ 1/ 2017 بشأن المعلمات أو الإداريات بمدارس المراحل التعليمية المختلفة، فيما يتعلق بتخفيض ساعات العمل للموظفة الحامل أو للرضاعة لمدة ساعتين.

أفاد ديوان الخدمة المدنية في رده على (وزارة التربية) بموجب كتابه رقم (2017002941) المؤرخ 16/ 1/ 2017، أنه لا تفيد المعلمات أو الإداريات اللاتي يعملن بمدارس المراحل التعليمية المختلفة بوزارة التربية (مرحلة رياض الأطفال ـ المرحلة الابتدائية ـ المرحلة المتوسطة ـ المرحلة الثانوية) من تخفيف ساعات الدوام الرسمي بواقع (ساعتين كاملتين) وإنما تخفض ساعات الدوام الرسمي بالقدر الذي لا تقل فيه ساعات الدوام الرسمي عن (خمس ساعات).

وفي تبريره لهذا القرار أفاد ديوان الخدمة بأن (تخفيض ساعات العمل للموظفة الحامل أو للرضاعة لمدة ساعتين وحسب التفصيل الوارد بتعميم الديوان رقم 3/2016 بشأن الأحكام الوظيفية التي تضمنها القانون رقم 21/2015 في شأن حقوق الطفل هو تخفيف لمدة ساعتين من ساعات الدوام الرسمي المعتاد والذي يقدر بواقع «سبع ساعات» يوميا، ومن ثم يكون المشرع قد قدر أن هذه الحالات المشمولة بتخفيض ساعات العمل تستدعي حالتها ألا تزيد ساعات عملها على «خمس ساعات» على أساس أن ساعات الدوام الرسمي المعتاد هي «سبع ساعات» يخصم منها ساعتان، تم إعفاء الموظفة منها)!

وسوف نرد على ما جاء بكتاب الديوان السالف الذكر، بإشارات إلى السوابق القضائية، ونجعل ذلك في نقاط محددة، بيانها كالتالي:

أولا: تتميز القاعدة القانونية بالعمومية والتجريد، ولا ريب أن تخفيف ساعات العمل المقرر بالقانون رقم (21/2015) في شأن حقوق الطفل، إنما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرع حسبما يوجبه الصالح العام ووفقا لما تقتضيه رعاية الأم العاملة، وبالتالي فإن ما ورد بالقانون المذكور يكون قد ورد في نطاق ما يستقل المشرع بتنظيمه ولا يعد هذا التنظيم مخالفا لمبدأ المساواة أو أي من المبادئ الدستورية، بحسبان أن قاعدة تخفيف ساعات العمل جاءت عامة ومجردة، وينسحب حكمها على كل (أم عاملة) ولا يقتصر أثرها على موظفة دون أخرى، فهو يمتد إلى موظفات غير محددات بذواتهن، ليتمخض ـ أي الحكم ـ بذلك عن قاعدة قانونية تتوافر لها مقوماتها وتتكامل خصائصها بانتفاء التخصيص، مما لا يقوم بها صحيح ادعاء إخلال المشرع بمبدأ المساواة ـ من خلال هذا التنظيم ـ في استعمال سلطته التشريعية مادامت القاعدة القانونية التي تضمنها الحكم قد سنها المشرع بصيغة العموم مجردة عن الاعتداد بشخص معين أو بواقعة معينة بذاتها. 

وبالتالي فإنه مادامت السلطة التشريعية (صاحبة الاختصاص الأصيل في التشريع) لم تحدد (خمس ساعات) كحد أدنى لساعات العمل، فإن قاعدة تخفيض ساعات العمل لمدة ساعتين تسري على كل موظفة حامل أو للرضاعة وأيا كان عدد ساعات دوامها الرسمي، لاسيما أن المشرع عندما نص على التخفيض ما أعوزه النص صراحة على جعل الحد الأدنى لساعات الدوام الرسمي خمس ساعات.

ثانيا: إن مبدأ المساواة أمام القانون مؤداه أنه لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مباشرتهما لاختصاصاتهما، بالحماية المتكافئة للحقوق جميعها، سواء في ذلك تلك التي نص عليها الدستور أو التي ضمنها المشرع، ومن ثم كان هذا المبدأ عاصما من النصوص القانونية (تشريع- لائحة- قرارات ديوان الخدمة المدنية المتعلقة بالموظفين) التي يقيم بها المشرع مساواة غير مبررة تتنافر به المراكز القانونية التي لا تتماثل عناصرها.

وبحسبان أن كتاب ديوان الخدمة المدنية محل الدراسة قام على أساس أن (ساعات الدوام الرسمي لمن يعملن معلمات أو إداريات بمدارس المراحل التعليمية المختلفة بوزارة التربية «خمس ساعات لبعضها وست ساعات لبعضها الآخر» ليست ساعات الدوام الرسمي المعتاد، وإنما هي «ساعات خاصة» للدوام الرسمي تقل عن ساعات الدوام الرسمي المعتاد وهي «سبع ساعات»)، وهو أساس غير موضوعي يبرر القرار، لا سيما أن بعض الجهات الحكومية تتمتع بمزايا لا تتمتع بها غيرها، ولا شك أن تمتع موظفات وزارة التربية بمزية العمل عدد ساعات أقل هي مزية كانت سابقة على نفاذ قانون الطفل، ولا ينال منها القول بوجوب إعمال «المساواة» بينهن وبين غيرهن من الموظفات بالجهات الحكومية الأخرى بخصوص تخفيض عدد ساعات العمل، ففي هذا إخلال بالعدل الذي كفلته المادة (7) من الدستور التي قدمت (العدل) على (المساواة) بنصها: (العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع...)، وبحسبان أنه ليس من العدل أن تنتقص من موظفات وزارة التربية بعض المزايا مقابل منحهن مزية ساعات العمل الأقل، ثم ينال ديوان الخدمة من هذه المزية بقول إنها «ساعات خاصة»!

وقد قضت المحكمة الدستورية في هذا المعنى: «إن مبدأ المساواة أمام القانون لا يعني أن يعامل فئات المواطنين على تباين مراكزهم القانونية معاملة قانونية متكافئة، ولا معارضة صور التمييز على اختلافها، إذ المساواة ليست مبدأ جامدا منافيا للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلا لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء، ومن ثم فإن للسلطة التشريعية وفقا لمقاييس منطقية، إن تمايزا بين مراكز لا تتحدد معطياتها أو تتباين فيما بينها في الأسس التي تقوم عليها على أن تكون الفوارق بينها حقيقية لا اصطناع فيها، ذلك أن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه هو ذلك التنظيم الذي يقيم تقسيما تشريعيا ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها، فإذا انفصلت هذه النصوص عن أهدافها أو توخت مصالح لا يجوز حمايتها، كان التمييز انفلاتا لا تبصر فيه وغير مشروع دستوريا».

(لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية في الطعن رقم 5 لسنة 2001 ـ بجلسة 16/6/2001)

ثالثا: لئن كان نص البند (6) من المادة (5) من المرسوم بالقانون رقم (15) لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية قد عهد إلى مجلس الخدمة المدنية الاختصاص بإصدار التفسيرات الملزمة للجهات الحكومية فيما يتعلق بتشريعات الخدمة المدنية، وكان الأصل في التفسيرات التشريعية إنما تصدر لتكشف عن غموض النص وإزالة الإبهام الذي قد يلابسه، إلا أنه ليس من شأن ذلك الخروج عن النص أو تعطيل حكمه أو استحداث أحكام لم يتناولها النص لخروج ذلك عن وظيفة التفسير، إذ لا يجوز تعديل القانون إلا بإصدار قانون معدل له، وأن سن التشريعات هي مهمة المشرع. 

وبحسبان أن ديوان الخدمة المدنية قد أصدر الكتاب رقم (2017002941) المؤرخ 16/ 1/ 2017 بشأن التفسير التشريعي بتخفيف ساعات العمل المقرر بالقانون رقم (21/2015) في شأن حقوق الطفل متضمنا عدم إفادة المعلمات أو الإداريات اللاتي يعملن بمدارس المراحل التعليمية المختلفة بوزارة التربية من تخفيف ساعات الدوام الرسمي بواقع (ساعتين كاملتين) وإنما تخفض ساعات الدوام الرسمي بالقدر الذي لا تقل فيه ساعات الدوام الرسمي عن (خمس ساعات) باعتبار أن هذه الساعات هي ساعات خاصة للدوام يقيد الحكم الوارد في قانون الطفل، فبالتالي فإن كتاب الخدمة المدنية سالف الذكر يكون قد صدر منطويا على تعديل لأحكام قانون الطفل بغير الأداة المقررة، مجاوزا بذلك وظيفة التفسير إلى وظيفة التشريع بما من شأنه الاخلال بضوابط السلطة وقواعد الاختصاص.

رابعا: إن قرارات ديوان الخدمة المدنية هي قرارات ذات صبغة تشريعية، وهي بمنزلة اللوائح، مما تختص المحكمة الدستورية بنظر الطعن عليها إعمالا لنص المادة الأولى من قانون انشاء المحكمة الدستورية رقم 14 لسنة 1973 ويؤكد انحسار الدائرة الإدارية عنها بهذا الوصف، ويؤكد ذلك أنه سبق صدور حكم بعدم دستورية قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 5 لسنة 2003 بشأن التفسير التشريعي للمادة (15 مكرر) من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية، وهو تقرير بإبطاله وإنهاء قوة نفاذه واعتباره كأن لم يكن على نحو ما تقضي به المادة 173 من الدستور، وهو حكم ملزم للكافة ولسائر المحاكم إعمالا لنص المادة الأولى من القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية. 

ومن المقرر إعمالا لنص المادة السادسة من قانون انشاء المحكمة الدستورية، اختصاصها في الحكم بعدم شرعية اللوائح لمخالفتها لقانون نافذ، بجانب ما نصت عليه من اختصاصها في الحكم بعدم دستورية القوانين والمراسيم بقوانين أو اللوائح، حيث قضت المحكمة الدستورية أنه: «أما بالنسبة لاختصاص هذه المحكمة في النظر بالطعن المتعلق بعدم شرعية الفقرة الثانية من القرار الوزاري موضوع الطعن، فإن هذا الاختصاص تكفلت بتقريره المادة السادسة من قانون انشاء المحكمة الدستورية سالفة الذكر، فقد نصت بوضوح على سلطة المحكمة في الحكم بعدم شرعية اللوائح لمخالفتها لقانون نافذ، بجانب ما نصت عليه من اختصاصها في الحكم بعدم دستورية القوانين والمراسيم بقوانين أو اللوائح. (...)، وحيث إن القاعدة في تدرج التشريعات: أن يتقيد كل تشريع بالتشريع الأعلى منه درجة، فلا يجوز لتشريع فرعي أن يتعارض مع تشريع عادي، كما لا يجوز لأيهما أن يتعارض مع تشريع دستوري، وهذا التدرج يمثل ضمانا بالغ الأهمية للحقوق والحريات العامة، (...)، وقد جاء الدستور مؤكدا هذا المعنى حين نص في المادة (72) على أنه (يضع الأمير بمراسيم اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما لا يتضمن تعديلا أو تعطيلا لها أو إعفاء من تنفيذها. ويجوز أن يعين القانون أداة أدنى من المرسوم لإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذه)».

(حكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 1/1979 دستوري-جلسة 12/5/1979)